المنهج الديكارتى



                                              






يهدف ديكارت فى منهجه للوصول الى معرفة يقينية لا يشوبها اى شك ولقد رأى ديكارت ان ذلك سبيله الاستنباط وليس الاستقراء والذى يوصل الى معرفة احتمالية او نتائج كاذبة وراى ان الرياضيات والهندسة باستخدامهم الاستنباط يصلون الى اكثر المعارف يقينية على عكس باقى العلوم واذا ارادت الفلسفة ان تكون من العلوم اليقينية عليها ان تاخذ هذين العلمين نموذجا لها .

والجدير بالذكر ان ديكارت عرض موقفه من استنباط ارسطو فوجه ديكارت نقضين للقياس او الاستنباط القديم وهم اولا ان اغلب قواعد القياس يقينية ولكن البعض الاخر لغو ولا فائدة منه ان القياس لا يساعدنا الى الوصول الى معرفة جديدة ولكنه يقدم ما لدينا من معارف ولكن بطريقة واضحة ولقد اراد ديكارت ان يجمع بين حسنات المنهج القديم ووصوله الى قضايا يقينية واضحة وتجنب عيوبه من لغو او خطأ .

وقبل البدء فى عرض خطوات هذا المنهج علينا توضيح ركيزتين هامتين فى بناء هذا المنهج وهم الشك المنهجى والحدس يعتبر الشك المنهجى هى نقطة البداية فى هذا المنهج فيجب علينا قبل اى شىء الشك والارتياب فى كل ما لدينا من معرفة ومعتقدات سابقة ولا يتم قبول اى من هذة الافكار الا اذا كانت تتميز بالوضوح واليقينية يقول ديكارت لقد اصدرت حكما يمكننى اعتباره قاعدة عامة وهى ان كل ما اتصوره تام الوضوح والتميز صادق وان كنت اجد صعوبة فى ادراك الافكار التى هى فى الواقع متميزة ونصل الى الافكار المتميزة والواضحة (بديهية ) عن طريق ما يسميه ديكارت بالحدس او الاستنباط ويقول ديكارت بالحدس لا اعنى شهادة الحواس المتقلبة او الحكم المضلل عن التركيبات الخيالية الخاطئة وانما تصورا يمنحه انتباه عقلى صافى وهو تصور من اليسر والتميز بحيث لا يسمح باى شك فيم ندركه او بعبارة اخرى انه تصور لا شك فيه ألفه ذهن صاف يقظ ينبع من نور العقل وحده وهو اكثر يقينا حتى من الاستنباط لانه اكثر بساطة ومن ثم يمكن لاى انسان ان يدرك انه موجود وان المثلث له ثلاث خطوط وان الكرة لها سطح واحد .....

يقودنا الشك اذا الى البحث عن افكار وقضايا يقينية ندرك صدقها ببداهة ثم الانتقال الى قضايا اخرى بفضل الاستنباط او بعبارة اخرى ان نقطة البداية للوصول الى قضايا يقينية هى الافكار التى لا يمكن الشك بها وهى التى يتصورها العقل بوضوح بدون مشقة لذلك لا تحتاج هذه القضايا الى برهان ولكن ما هو معيار الوضوح والتميز يقول ليبتنز انه كان ينبغى على ديكارت اكتشاف علامات منطقية تميز الفكرة الواضحة عن الفكرة الملتبسة ولعل افضل مأخذ لهذا الصدد ما قاله جاسندى من ان كل شخص يظن انه يدرك بوضوح وتميز ولكنه قد يكون مخدوعا الا ان ديكارت لم يكتفى بهذا المعيار الذاتى للوضوح والتميز ولكن اضاف لها معايير منطقية فنحن لا نرى الاشياء بوضوح وتميز لان ذهننا رأى ذلك (المعيار الذاتى) ولكن يرصد الذهن حدود القضايا المنطقية والضرورية او يبين العلاقات بين التصورات التى تعبر عنها تلك الحدود كقولنا ان للجسم امتداد او ان المساويين لثالث متساويين .....

قواعد المنهج الديكارتى

اولا الشك


وعدم تقبل اى افكار او قضايا مسبقة ما لم تكن واضحة بذاتها وبديهية لا تقبل اى شك كما انها لا تحتاج لبرهان اى البدء بالبديهيات للوصول الى معارف يقينية لا شك بها كما هى البديات .

ثانيا التحليل


وهى ان تقسم المشكلة والتى تتألف من عدة عناصر معقدة ملتبسة الى عدة عناصر او قضايا بسيطة بحيث يسهل علينا فهم المشكلة ومن ثم حلها والقضية البسيطة هى القضية التى نفهمها بوضوح ومن ثم فهى تساعدنا على ادارك القضايا المضللة والتى تعتبر لغو لا طائل منه .

ثالثا التنظيم


ترتيب القضايا الابسط فالاقل بساطة وذلك للكشف عن حقائق جديدة فى ضوء هذا الترتيب اى تدريج القضايا من البسيط الى المركب للكشف عن علاقات جديدة بين القضايا .

رابعا المراجعة


المراجعة والاحصاء لكل خطوة من خطواتى وذلك للتفادى الاخطاء والنسيان وما الى ذلك ونلاحظ ان هذه القواعد الاربعة تسعى كلهى الى نفس الغاية وهى تقليل نسبة الشك وزيادة اليقين وذلك للكشف عن حقائق وعلاقات جديدة ومعرفة يقينية.





للمزيد يرجعى مراجعة كتاب مناهج البحث الفلسفى لمحمود زيدان

تعليقات