
بينما كانت اوروبا تعيش فى قرونها المظلمة كان فى الشر ق حضارة من أعظم الحضارات فى التاريخ وهى حضارة العرب الذين جاؤوا من صحراء قاحلة فى بيئة بسيطة لا تعقيد فيها جاؤوا برسالة ارادوا ان ينشروها فى العالم كله ولكى يكشفوا للعالم
قواعد العيش بسلام وطريق السعادة .
فأهتم العرب بالمعرفة عامة وبالعلوم خاصة وابدعوا الكثير من الفنون الفاتنة والصنعات البديعة التى لم ترى فى العالم من قبل تلك الامة لم يقتصر دورها التاريخى والانسانى على مجرد الحفظ والنقل كما يدعى البعض بل كانت وبالفعل أمة وسط وعت بها الانسانية سبل النهضة والحضارة وعلى عكس الامم من قبلها التى انتجت العلوم والفنون ولم تعى اهميتها وطرقها وضروبها لانها اما ان ظهرت بشكل فردى ناهضها المجتمع او لانها ظهرت مع ملوك قليلين واختفت معهم فلم يكن للعلم والمعرف دورا اساسيا فى بناء المجتمع لذلك تميزت امة العرب والاسلام عن الامم السابقة بوعيها التام بضرورة العلم والمعرفة .
بل ان العلم والمعرفة هم الاساس فى ظهور هذه الامة من بين الامم فاراد العرب ان ينشروا رسالة الاسلام فى العالم كله كما بدأ العرب فى تدشين وتصنيف كل انواع المعرفة التى وصل اليها العالم حينئذ وذلك بطريقة علمية وباسس متينة تقترب من الاسس الى نعتمد عليها اليوم فى تصنيف العلوم والفنون كما كان العرب اول من كشفوا عن المناهج المعرفية واول من ابتكروا المنهج التجريبى الذى كان اساس للتقدم العلمى المدهش الذى وصلت اليه العرب فى تلك العصور مما يدل على انها اول مرحلة فى تاريخ البشرى يعى فيها الانسان ما توصل اليه من معرفة وفن بل ويبنى الاساس لتكون هذه المعرفة وبحق معرفة عالمية تشاركية يشترك بها الانسانية كلها من بعد وتنفتح على كل مغلق وغامض وتنطلق فى سماء لا حدود لها ولعل خير دليل على هذا هو النهضة العلمية التى شهدت أوجها فى العصر العباسى كما هو معلوم ولم تكن الحركة العلمية مقصورة على فئة او طائفة دون اخرى بل كانت عامة شملت المسلمين وغيرهم من الملل والنحل الخضعة للاسلام فكانت بغداد والقاهرة ورطبة مراكز علمية يفد اليها العلماء من كل فج وبكل لون وكان اهم ما تجه اليه العلماء العرب حينئذ الكيمياء والبصريات ففى الكمياء استكشفوا فلزات واحماض جديدة وعرفوا التقطير والترشيح والتبلور ووقفوا على طريقة خلط الفلزات المختلفة لكى يصنعوا السبائك الجديدة ونبغوا فى صناعة السيوف والمشامل وهى السيوف القصيرة المقوسة لتى كان يخشاها الجميع وفيم يلى ملخص لما توصل اليه العرب فى العلوم المختلفة .
أولا بحوثهم فى الميكانيكا
خطت العلوم الرياضية والفلكية خطوات واسعة فى عصر التمدين الاسلامى واشتملت بحوثهم الرياضية على بعض فروع علم الميكانيكا الحالى كمراكز الاثقال ولهم فى ذلك مؤلفات هى كتب الحيل ويعنى الميكانيكا ومن اشهر ما كتب فى ذلك كتاب (الجامع بين العلم والعمل ) لمؤلفه أبى العز اسماعيل الجزرى وهذا الكتاب يمثل ما بلغه علم الميكانيكا من رقى فى القرن الثالث عشر وان يكن هذا الكتاب الى كتاب الصناعة اقرب منه الى كتب لعلم النظرى ولأبى الريحان البيرونى كتاب (الاثار الباقية ) .
وفيه شرح وتطبيق لبعض ظواهر المعرفة ف علم الايدروستاتيكا مثل صعود مياة الفوارات والعيون لاعلى وتجمع مياه الابار بالرشح الجانبى وموازاة سطوح المياة القريبة منها والشرح فى هذا الكتاب يكاد يشبه م هو مذكور فى كتب الطبيعة الاولية التى يدرسها طلبه المدارس فى الوقت الحالى ومن كتبهم فى الهيدروستاتيكا والميكانيكا كتاب ميزان الحكمة وألف هذا الكتاب فى القرن الحادى عشر ولا يعرف مؤلفه الحقيقى ولكن ينسبه البعض للخازنى والبعض الاخر للحسن بن الهيثم ويبحث هذا الكتاب فى الضغط الجوى ! فيكونمؤلفه قد سبق تورشيللى الايطال بخمس قرون وعدا هذا فالكتاب يتضمن بحوثا فى مراكز الاثقال واتزان الميزان والقبان وفى الجاذبية ومن الغريب ان الكتاب قد ذكر لعلاقة الصحيحة بين سرعة الجسم الساقط والبعد الذى يقطعه والزمن الذى يستغرقهوهى تلك العلاقة التى تنص عليها الكتب الحديثة فى صيغة قوانين ومعادلا منسوبة الى غاليليو فى القرن السابع عشر .
بل وبهذا الكتاب جداول لكثافات الاجسام ووصف لموازيين مختلفة الاشكال وذكر لمقياس الكثافة على أن العرب ففى القاهرة ودمشق وبغداد وقرطبة كانوا يعرفون قاعدة ارشميدس وكانوا اول من ابتدعوا فكرة الوزن النوعى وذلك بقسمة وزن الجسم الى وزن الماء المعادل لحجمه وهذا التعريف مستعمل حتى الان بل ان العرب خطو طوة اخرى نراها فى كتاب ميزان الحكمة حيث قالوا ن الوزن الحقيقى للجسم لا يمكن ان يكون وزنه المقيس فى الهواء لان الهواء كالماء يدفعه الى اعلى فينقص وزنه وتلك المشاهدة كانت الاساس الذى انبى عليه فيما بعد اختراع الباروميتر ومفرغة الهواء .
ثانيا فى علم الصوت
اشتغل العرب بعلم الصوت ولهم فى الموسيقى تصانيف وبحوث فى منشأ الصوت وكيفية انتقالها واختلاف بعضها عن الاخر وما الىذلك من مواضيع حديثة فى علم الصوت وكانوا يعلمون ان منشأ الاصوات حركة الاجسام وان الصوت ينتقل فى الهواء على هيئة كرات موجية تتسع بانتشار الصوت وقد جاء فى كتاب (البرهان فى اسرار الميزان ) للجلدكى ان التموج الذى يحدث ليس المراد منه حركة نتقليه من الماء أو الهواء بعينه بل هو امر يحدث بصدم بعد صدم وسكون بعد سكون
وهو ما يعرف حاليا بالتضاغطات والتخلخلات ! .
ونجد فى رسائل اخوان الصفا انهم قسموا الاصوات الى انواع منها الجهير والخفيف ومنها الحاد والغليط وهو تقسيم يشبه التقسيم الحديث من حيث الشدة والدرجة للصوتونسبوا تباين الاصوات فى الحيوانات ذوات الرئة الى تباين أطوال اعناقها وسعة حلاقيمها وتركيب جناجرهااما اسوت الزنابي والجراد فقد سبوها الى تحريك اجنحتهم كما تحدث الاصوات عند تحريك اوتار الالت الوترية من امثال البيانو والعود والقانون والكمنجه أما اخلاف اصواتها فيكون بحسب لطافة أعضائها وغلظها وطولها وقصرها واما عن اهتزاز الاوتار فقد قالوا انها اذ ا تساوت فى الطول والغلظ والحزق ثم نقرت كانت اصواتها متساوية اما اذا تساوت فى الطول والحزق واختلفت فى الغلظ كان الاغلظ فيهم ذات صوت اغلظ واذا كانت فى الطول والغلظ متساوية ومختلفة فى الحزق كانت اشدها صوتا اشدها نقرا ونرى الجلدكى فى كتابه قد علل صدى الصوت لانعكاس موجاته نتيجة اصطدامه بسطح عاكس كالجبال وقال يجوز انلا نشعر بالانعكاس لقرب المسافة فلا يحس بتفاوت زماى الصوت وصداه
وعلى ان كثيرا من اساسيات هذا العلم وكثيرا من المعلومات الحديثة كانت معرفة عند العرب وليس كما يظن البعض انها من كشوف العرب .
ثالثا فى علم الحرارة
لعل اساسيات هذا العلم هى درجة الحرارة وقياسها ولتقطير والتبخير ودور ة المياة ولعل ما اضفوه العرب فى هذا العلم ليس بالكثير ولكنهم اسخدموا جهاز الهيدروميتر وهومقياس للكثافة الذى ذكر فى كتاب ميزان الحكمة لقياس درجة الحرارة ايضا مما يدل على انهم اهتموا ولو بالقليل بالحرارة .
رابعا فى المغناطيسية والكهربية
لم يضيفوا لهذا العلم شيئا ولكنهم عرفوا المغناطيس وعرفوا خواصه وعرفوا انتاج الكهرباء بالدلك ولكنهم لم يضيفوا على ذلك شيئا ولكنهموبلا منافس قد اسسوا علم الضوء ولعل اشهر علماء العرب فى هذا المجال هو الحسن ابن الهيثم ويعد كشوفه واسهاماته فى هذا العلم معروفة لمعظمنا وندرسها حتى الان لم يصل العرب لتلك العلوم صدفة او بدون وعى ولكن وصلوا اليها عن دراية وابتكار انتجها العقل العربى الذى ابتكر منهج يعبر عن هوية العرب ويدل على عدم اتباع الغرب الغارق فى التجريد والتأملات الخيالية حينئذ فيم يعنى ان الغرب هم المقلدين وليس العرب .......
للمزيد يرجى مراجعة كتاب عجائب الفيزيقا لاحمد فهمى ونشأة الفلسفة الاسلامية على النشار
تعليقات
إرسال تعليق