
استئصل المسلمين اليهود من الحجاز فزحف بعضهم الى الشام والبعض الاخر الى الكوفة وبقى عدد منهم فى اليمن ولكن سرعان ما أخذ احبار اليهود يفدون الى الحجاز مرة اخرى ولكن بثوب الاسلام وهم على ضغينة وحقد وتربص له وكانت الفتنة بين المسلمين قد دقت جذورها فى اواخر عهد عثمان وحتى الثورة عليه ومقتله فسنحت لهؤلاء المتأسلمين التربة الخصبة لوضع بذورهم الشيطانية والتى تغذى الفتنة بين المسلمين وذلك ايقانا منهم ن النزاع العقلى المباشر قد ينتهى لى دحرهم وانقطاعهم فاتجهوا اتجاها طالما لجأوا اليه وهى محاولة تقويض العقائد الاسلامية والقذف باراء تخريبية مخالفة لعقيدة القران ومحاولة اقامة نزاع عقلى ينتج عنه نزاع سياسى او حربى وترى محاولتهم قد اخذت الطريق الاتى :
حيث القى هؤلاء اليهود بفكرة الاماام المعصوم وخاتم الاوصياء عند الشيعة فكان على بالنسبة لمحمد كهارون لموسى وظهر ذلك جليا على يد عبد الله ابن سبأ هو او من دعا واستقطب لفكرة القداسة التى نسبت لعلى كما انتقلت بعد ذلك افكار مثل الرجعة والبداء والمهدى والاسباط وغيرها من اراء الشيعة الغلاة وكلها افكار يهودية الاصل انتشرت ولاقت ذيوعا وتربة خصبة للنمو فى ارض الفتنة بين الامويين والهاشميين وما يؤكد هذا ايضا ما اكد عليه كثيرا من مؤرخى السنة الى ان مؤسسى الاسماعيلية وهم فئة من الشيعة يهود انتسبوا الى اسماعيل بن جعفر الصادق مستخدمين افكار يهودية وغنوصية للقضاء على الاسلام ولم يسلم المعسكر الاخر وهم اهل السنة من التحريف والتشوية فلعب كعب الاحبار نفس الدور الذى لعبه عبد الله بن سبأ فى اثارة الفتنة كعادة اليهود وهم ان يحاربوك من وراء جدر ومن حيث لا ترونهم فى هذا المجال السرى ولما رأى اليهود ان القران قد حفظ وانه لا يوجد اى مجال للتحريف به والتلبيس وجدوا فى الاحاديث ملاذهم وضلتهم فلم يرد عمر بن الخطاب ان يجمع الاحاديث كما تجمع القران وذلك خشية منه على ان يختلط الكتاب بالسنة كما اختلط على اليهود التوراة وعلى المسيحين الانجيل بالرغم من تحريه النقل عن النبى ورواية الاحاديث ووجد اليهود الفرصة سانحة امامهم فى عهد الفتنة الكبرى بين على ومعاوية فاهتبلوها بكل مهارة وبدأ السيل الكبير من الاسرائيليات يدخل دائرة الحديث فقد قذف باحاديث الوصايا والامامة كما ذكرنا وقذف بأحاديث التشبية والتجسيم وذلك حين اثيرت مشكلة المتشابهات فى القران واحاديث التشبية والتجسيم مستمدة من التوراة فى معظمها فنشررخا اليهود الذين اعتنقوا الاسلام وقد تنبه الشهرستانى الى هذا فقال واما التشبية فلانهم وجدوا الوراة ملأى من المتشابهات مثل الصور والمشافهة والتكلم جهرا والنزول عند طور سينا انتقالا والاستواء على العرش استقرار وجواز الرؤية فوقا ........
وكذلك نشر اليهود الاحاديث عن الميعاد واشراط الساعة والمهدى المنتظر والمسيخ الدجال وهكذا كانت نشأة الحشوية عند المسلمين وأعقابها نشأة المشبهة ثم المجسمة حقا كان للتشبية وللتجسيم مصادر اخرى كالمسيحية والغنوصية والرواقية ولكن كان لليهود اثر أكبر وبذلك عاون اليهود على قيام علم الكلام لنقض ما أدخلوه من عقائد مختلفة فى صور احاديث موضوعة دعت شيوخ المعتزلة الاوائل الى مناقشة هذه العقائد وانكار الاحاديث كما ان ادخال الكثير من الاسرائيليات فى الحديث ادى الى قيام علم اسلامى جليل وهو علم مصطلح الحديث الذى يبحث فى الاحاديث بحثا ونهجا ورواية ودراية .
نقلا عن كتاب نشأة الفلسفة الاسلامية الجزء الاول
تعليقات
إرسال تعليق