هل الحقيقة مطلقة ام نسبية ؟!

قرأت للدكتور عبد الوهاب المسيرى ما مؤداه أن لكل انسان نموذج منحاز له سواء كان ذلك بوعى منه او بغير وعى وهذا النموذج المتحيز هو ناتج تفاعل الانسان مع بيئته التى نشأ وعاش بها حيث شبه هذا النموذج المتحيز بالمنظار الذى ينظر به المرء ويدرك الأشياء من حوله والذى يركز ع أشياء معينة ويعظمها وتكون محور الاهتمام للشخص المدرك فيما يدرك ويصغر أشياء أخرى ويهمشها لأنها لا تقع ضمن اطار اهتماماته
كأن يهتم شخص وينبهر بألوان لوحة ما واتساقها فى حين ينظر أخر الى تفاصيل الخطوط والإنحناءات ويهمش الألوان او ثالث يحاول ان يبحث عن مضمون اللوحة دون النظر الى شكلها ورابع يركز ع قيمتها وهكذا.....
الأمر الذى يجعل جميع الأراء والاحكام حول هذه اللوحة أراء نسبية ترجع الى أطر انحيازية غير موضوعة....... لذلك لو فرضنا أن هذه اللوحة تمثل الحياة بذلك تكون جميع أحكامنا وأراءنا حولها ما هى إلا أراء نسبية متحيزة ولباتت الحقيقة ضرب من الخيال هكذا ذهب أيضا الدكتور على الوردى الذى دافع عن السفوسطائين فى مقابل الفلاسفة الذين ادعو امتلاك الحقيقة النهائية الموقف الذى فسره الدكتور على الوردى بأنه كان بدافع السيطرة والهيمنة على طبقات أدنى وإجبارها ع نموذج انحيازى بعينه دون غيره ....
هذا فى مقابل السيد محمد باقر الصدر وهو عالم دين وفيلسوف مسلم شيعى والذى دافع بحجج قوية ومتناسقة حول الحقيقة المطلقة ومنها تعريفه بالحقيقة وهى مطابقة الحكم للواقع وأن قولنا ان الحقيقة نسبية ينسف إمكانية قيام أى نظرية معرفية ويهدمها من أساسها كما أن حكمنا بأن الحقيقة نسبية يعد بحد ذاته حقيقة مطلقة فيوجد ع الاقل حقيقة مطلقة واحدة وهى ان الحقيقة نسبية ! اما اذا اعتبرناها بدورها حقيقة نسبية فهذا ينفي صحتها ولا يجعل لها اى وزن !
فحيث لا معيار للحقيقة لا حقيقة ولعل هذا ما لاحظه الدكتور عبد الوهاب المسيرى لذا رأى انه يمكن المفاضلة بين الاراء والاحكام بمعيار الاعلى تفسيرية فإذا كان رأى ما أعلى تفسيرا وتوقعا لظاهرة ما فيمكن قبوله عن الأراء الأقل تفسيرا وهكذا فى جدليه تحاول أن تبحث عن الحقيقة !
ويبقى السؤال مطروحا هل يوجد حقيقة ام لا هل هى نسبة كما ذهب البعض ام مطلقة ثابتة ؟ هذا والله اعلم ....

تعليقات