
اتفق أصدقاء جحا على أنه لو استطاع أن يقضي ليلة في العراء في إحدى ليالي الشتاء فانهم يقيمون له مأدبة على أن لا يتدفأ بنار فان لم يستطع لزمه أن يقيم لهم مأدبة فوافق جحا وسهر الليلة في العراء. وهو ينقل بعض الأحجار من موضع إلى موضع ليدفئ نفسه وفي الصباح أقبل عليه أصدقاؤه وسألوه: كيف استطعت أن تتحمل البرد? فقال مازحا كعادته: إني رأيت شعاعا من الضوء على بعد ميل فاستدفأت به فصاحوا جميعا بخبث في نفس واحد: لقد نقضت الشرط يا جحا ووجب عليك أن تقيـم المأدبة وعبثا حاول أن يقنعهم فلم يصدقوه واتفقوا على أن تقام بعد ثلاثة أيام وفي اليوم المحدد حضروا وانتظروا الغذاء ومضى الظهر وجاء العصر ولم يقدم لهم الطعام فقالوا له: لماذا تأخرت بالغذاء? فقال تعالوا لأريكـم أنه لم ينضج بعد: فقاموا معه إلى ساحة البيت فرأوه قـد عـلـق قـدرا فـي أعلى النخلة ووضع على الأرض مصباحا صغيرا فصاحوا به: هل يعقل أن يغلي هذا القدر بهذا المصباح الصغير من هذه المسافة بينهما?.. فقال جحا لهم: ما أسرع نسيانكم منذ ثلاثة أيام زعمتم أني تدفأت بشعاع على مسافة ميل واليوم تنكرون أن يغلي القدر على مسافة أذرع من شعاع المصباح ...
اشترى جحا ثلاثة أرطال لحم وقال لزوجته اطبخيها فطبختها وأكلتها مع بعض أقاربها فجاء جحا وطلب اللحم فقالت له: إن القط أكله وأنا مشتغلة فىى طبخ الطعام فأمسك بالقط ووزنه فوجده ثـلاثـة أرطـال. فـالـتـفـت إلـيـهـا وقال: يا خبيثة إن كان هذا هو القط فأين اللحم.? وان كان هذا هو اللحم فأين القط !
- كان قاض وتاجر ماشيين معا في الطريق فرأيا جحا وأرادا أن يعبثـا به فأوقفاه وقالا له: اخبرنا يا جحا: هل غلطت مرة في الوعظ? فأجاب: غلطت مرتين :الأولى قلت في الوعظ: وقاض في النار بدلا من »وقاضيان في النار« والثانية قلت: »وان التـجـار لـفـي جـحـيـم بـدلا مـن وان الـفـجـار« فخجلا وقالا له: أنت إما أن تـكـون حـمـارا وإمـا أن تـكـون مـزورا فـقـال لهما: لا أنا مزور ولا أنا حمار بل بين الاثنين - يشير إليهما-فتركاه وذهبا.


كان جحا يبالغ في كلامه فقال له أحد أصدقائه: إذا لاحـظـت فـي كلامك مبالغة فسأجعل العلاقـة بـيـنـي وبـيـنـك أن أقـول »احـم« وفـي يـوم جلس جحا مع بعض الناس فقال لهم: إني بنيت مسجدا في البلـد طـولـه ألف متر فقال صـديـقـه »احـم« فـسـكـت جـحـا فـسـألـه أحـد الـنـاس: وكـم عرضه?.. فقال جحا: وعرضه متر واحد فتعجب الناس وقالوا لـه: لمـاذا جعلته ضيقا جدا?.. فالتفت إلى صديقه وقال-:وماذا نفعل?.. اللـه يضيقها على من ضيقها علينا:D

بعد أن ماتت زوجة جحا تزوج امرأة أخرى مات عنها زوجها فكانت كثيرا ما تذكر محاسن زوجها المتوفي وكان هو يقابلها بالمثل فيذكر محاسن زوجته المتوفاة )ليغيظها( ولكنه ضاق ذرعا بذلك. وفي إحدى الليالي وهي نائمة دفعها برجله فسقطت على الأرض فغضبت وشكته لأبيها فـقـال لـه جحا: أرجو أن تنصفني فنحن أربعة أشخاص ننام على سرير واحـد. أنـا والمرحومة زوجتي وابنتك والمرحوم زوجها والسرير لا يسع أربعة أشخاص لذلك تدحرجت ابنتك من فوقه فما ذنبي أنا !
ويمكن أن تشير هذه النادرة إلى مغزى أعمق من مجرد التندر حينمـا يفسد الماضي ماضي الرجل والمرأة قبل الزواج تفسد حياتهما بعده ...
من كتاب جحا العربى
تعليقات
إرسال تعليق